أخبار العالم
حالة طوارئ مائية.. هل تنقذ تحلية ماء البحر المغربَ من عطش السنوات المقبلة؟
وأكدت الوزارة، في بلاغ تناقلته وسائل إعلام محليَّة، أنه في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد المائية يعرف منحنى استهلاك المياه بين المستخدمين ارتفاعاً، وأمام هذا الوضع دعت إلى التوقف عن ممارسة أي شكل من أشكال تبذير الماء حفاظاً على الموارد الحالية. وأطلقت الوزارة حملة تحسيسية بشعار “لا لتبذير الماء” لتوعية المواطنين بضرورة الحد من تبذير المياه.
هذا ويعرف المغرب موجة جفاف هي الأقسى خلال عقود من تاريخه، حيث لم يتعدّ حجم التساقطات المطرية التي شهدتها البلاد، منذ فاتح سبتمبر/أيلول 2021 إلى غاية اليوم، معدل ما بين 10.5 ملم و308 ملم، وهو ما يشكل عجزا يقدر بـ48% على الصعيد المحلي مقارنة بمعدل التساقطات للفترة نفسها من السنة الفارطة.
ويحذر خبراء من التبعات الوخيمة للتغيرات المناخية على المنطقة المغاربية عامة، والمملكة المغربية على وجه أخص، حيث تقع في إحدى أكثر المناطق جفافاً في العالم، والتي ستعرف أكثر فأكثر تواتراً للظواهر الحادة كالجفاف والفيضانات. كما ستعرف تدهوراً للنظم الإيكولوجية، وندرة في موارد المياه وتطوراً لأمراض جديدة و هجرة قسرية للسكان.
المنفذ في مياه البحر!
فيما ليس الجفاف بواقع جديد بالنسبة للمغاربة، ويزخر تاريخهم بفترات اضطراب التساقطات، رغم أن التغيرات المناخية تزيد من تأثير هذا الواقع. هكذا نجد المملكة، منذ فترة الستينيات، أطلقت برنامجاً واسعاً لتشييد السدود، حيث يتوفر المغرب اليوم منها على ما يقدر بـ149 سداً كبيراً، بسعة إجمالية تفوق 19 مليار متر مكعب.
ويذهب المجهود المائي في المغرب، بالأساس، لقطاع الفلاحة الذي ساهم بـ18.6% في نمو الاقتصاد المغربي، حسب أرقام سنة 2021.
ووفق المعطيات الرسمية لوزارة التجهيز والماء المغربية، لم تتعدّ حقينة السدود الرئيسية بالمملكة، إلى غاية شهر مايو/أيار الماضي، 5 مليارات و 543.9 مليون متر مكعب بمعدل ملء يقدر بـ34.4%. أي بعجز بلغ 23.2% عن نفس الفترة خلال السنة الماضية.
وبالتالي لم تعد هذه السدود، مع موجة الجفاف الحادة التي عرفتها المملكة هذه السنة، والمرجح أن تزيد حدة خلال السنوات القادمة، الحل الناجع للعطش الذي يهددها. ومن هنا أتت الضرورة إلى التوجه نحو محطات تحلية ماء البحر، هذا ما يؤكده وزير التجهيز والماء المغربي نزار بركة، بالقول: إن “الحكومة وقفت على ضرورة تنويع مصادر التزود، إذ جرى اللجوء إلى تحلية مياه البحر لتأمين تزويد العديد من المناطق بمياه الشرب والسقي”.
ويضيف الوزير المغربي بأن هذا التوجه يأتي ضمن “البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027″، حيث “توجد حالياً عدة محطات جديدة (لتحلية الماء) قيد الدراسة”.
أكبر محطة في إفريقيا
ويستوعب المغرب 9 محطات لتحلية مياه البحر، موزعة على مناطق الجنوب والوسط، ومنطقة الشمال والشمال الشرقي. آخرها محطة “شتوكة آيت باها” (جنوب) التي افتتحت مطلع 2022. وتبلغ السعة الأولية لهذ المحطة 275 ألف متر مكعب في اليوم، منها 125 ألف متر مكعب في اليوم للسقي والباقي لمياه الشرب، أي ما يعادل ضعف الملء الكامل لسد يعقوب المنصور الذي يغذي منطقة شتوكة جنوب البلاد.
وحسب وزارة الفلاحة المغربية، سترتفع قدرة المحطة تباعاً لتصل سعتها النهائية إلى 400 ألف متر مكعب في اليوم، عند ذلك ستصل الكمية المخصصة للسقي إلى 200 ألف متر مكعب في اليوم.
وإضافة إلى هذا، أطلق المغرب مشروع إنجاز أكبر محطة تحلية مياه في إفريقيا، بالدار البيضاء أكبر مدن المملكة. وستغذي هذه المحطة الضخمة ساكنة المدينة بالماء الشروب، والتي يفوق تعدادها 6 ملايين نسمة. إضافة إلى توفير مياه الري للأراضي الفلاحية في الجهة التي تشهد تكثيفاً لهذا النشاط الاقتصادي.
وستبلغ القدرة الإنتاجية لمحطة الدار البيضاء 300 مليون متر مكعب، وقدرت كلفة إنجازها حسب الحكومة السابقة مليار دولار أمريكي.
مياه نظيفة بطاقة نظيفة
وفي حديث سابق له إلى وكالة “المغرب العربي للأنباء”، أكد وزير التجهيز والماء المغربي نزار البركة، على أنه “سيجري الاشتغال على الطاقات المتجددة التي يتوفر المغرب على مكامن مهمة منها، سواء الريحية أو الشمسية، وهو ما يتيح تحلية المياه بأقل تكلفة”.
وأضاف بأنه “سيجري إطلاق مشروع الداخلة (جنوب)، الذي سيتم من خلاله استغلال الطاقة الريحية لتحلية المياه، حيث سيوفر ماء الشرب ومياه سقي مساحات فلاحية كبيرة دون استغلال الفرشة المائية”.
وحسب إحصاءات سنة 2020، أصبحت الطاقات المتجددة تلبي 42% من حاجات المغاربة من الكهرباء، وتسعى الحكومة لأن تصل إلى 52% بحلول 2030 باعتبار ارتفاع الطلب عليها ما بين 6% إلى 7% سنوياً.
ويتوفر المغرب على 21 محطة توليد طاقة نظيفة، منها 8 للطاقة الريحية، و11 للطاقة الهدروليكية، ومحطتان لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، إحداها محطة نور بمدينة ورزازات (جنوب البلاد) الكبرى على مستوى العالم.