أخبار العالم
مشاريع كبرى بعد الاستقلال غيرت حياة الجزائريين
كثيرة هي المشاريع التي أنجزت بعد الاستقلال وغيرت حياة الجزائريين وأعطت صورة عصرية عن جزائر الاستقلال ومن بين هذه المشاريع الطرق السيارة التي قربت المسافات وربطت بين ربوع الجزائر، وكذا سد بني هارون التي حقق الأمن المائي لولايات الشرق ووفر إمكانات فلاحية كبرى. وفي هذا الملف اخترنا نماذج من هذه المشاريع وهي سد بني هارون وجامعة الحاج لخضر بباتنة ومشاريع تنموية أخرى بخنشلة.
يمثل خزانا لـ 6 ولايات من المياه لعامين كاملين
سد بني هارون.. أكبر إنجاز مائي منذ الاستقلال
يعتبر سد بني هارون بولاية ميلة من بين الإنجازات الضخمة للدولة الجزائرية في مجال الري و السدود، حيث يعد الأكبر في الجزائر والثاني في إفريقيا، من خلال تزويده أكثر من 5 ملايين نسمة عبر 6 ولايات بالمياه الصالحة للشرب وهي ميلة، قسنطينة، جيجل، أم البواقي، باتنة وخنشلة.
ويعد سد بني هارون الخزان الأساسي للمياه بولاية ميلة، خصوصا في ظل موجة الجفاف التي ضربت المنطقة خلال السنوات الأخيرة، ورغم شح الأمطار، إلا أن السد بإمكانه توفير مياه الشرب للولايات المربوطة به على مدار عامين كاملين بطاقة استيعاب تفوق 700 مليون متر مكعب مخزنة على مستوى السد هذه السنة، وهي الأرقام التي أكدها مدير السد بعد موجة الجفاف التي ضربت المنطقة ونقص الأمطار خلال السنة الجارية، كما أن أكبر سد في الجزائر بإمكانه استيعاب مليار متر مكعب من المياه، وهو يزود حاليا 16 بلدية بولاية ميلة بالمياه الصالحة للشرب، في انتظار ربط باقي البلديات 16 بالسد وإنهاء معاناة سكان الولاية مع المياه، خصوصا البلديات الجنوبية والشمالية التي يعاني سكانها من أزمة عطش.
وقد باشرت الجهات المعنية في دراسة من أجل ربط باقي البلديات بمياه السد ومد قنوات الجر والأشغال جارية، موازاة مع تجديد وإعادة تهيئة شبكات مياه الشرب على مستوى المشاتي والمدن التي ستستفيد مستقبلا من مياه الشرب من سد بني هارون، وذلك للحد من التسربات المائية وضمان وصول المياه بشكل منتظم ودائم وهو التحدي القائم لدى مسيري مياه السد قصد الوصول إلى خدمة يومية لمياه الشرب للمواطنين والسكان الذين تم ربطهم من سد بني هارون على أن تكون المياه بحنفيات المواطنين يوميا ولم لا 24 ساعة على 24 ساعة مثل ولاية قسنطينة وغيرها.
ولا تقتصر أهمية السد العملاق في تزويد السكان بمياه الشرب بل تتعدى إلى تحديات كبرى وهي التوجه نحو النهوض بالقطاع الفلاحي الذي يعتبر البديل الأول للمحروقات من خلال توسيع محيطات السقي بولايات ميلة، خنشلة، باتنة، وأم البواقي وحتى بسكرة لضمان اكتفاء ذاتي من الغذاء والتوجه نحو التصدير إلى الخارج لمختلف أنواع الخضر والفواكه وتحقيق الاكتفاء الذاتي أيضا من الحبوب.
وقد فاقت المساحة المخصصة للسقي التكميلي بولاية ميلة من سد بني هارون 4 آلاف هكتار موزعة بالجهة الجنوبية على غرار التلاغمة، وادي سقان ووادي العثمانية وبفضلها أصبحت الولاية رائدة في شعبة الثوم وإنتاج مختلف أنواع الخضر والفواكه، بينما يبقى التحدي الأول هو التوجه إلى توسيع مساحات السقي لتتعدى كمرحلة أولى 8 آلاف هكتارات وكذا توسيع عمليات السقي إلى المحاصيل الزراعية من الحبوب بمختلف أنواعها، خصوصا بعد موجة الجفاف التي ضربت المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وكانت سببا في تدني إنتاج الحبوب بالولاية فبعدما تجاوزت 2 مليون قنطار سابقا تراجعت إلى ما يقارب 600 ألف قنطار خلال السنة الجارية بسبب شح الأمطار.
من جهة أخرى، أصبح سد بني هارون قاعدة أساسية مهمة للصيد القاري بعد نجاح عمليات زرع مختلف أنواع الأسماك، حيث يتوفر على كمية هائلة الآن من الأسماك، وأصبح ميناء صغير للصيد القاري بالمنطقة، حيث تم تنظيم هذه الشعبة من طرف القائمين على السد وتم منح أكثر من 20 رخصة للشباب لممارسة نشاط الصيد بصفة شرعية ومنتظمة وأصبحت تنظم مسابقات للصيد للتعريف بما يزخر به السد من ثروة سمكية لتطوير الشعبة والاستثمار في هذا المجال بشكل واسع.
بالمقابل فإن المشكل الذي يواجهه السد هو ظاهرة التوحل، فمنذ تشييده لم تبرمج عمليات كبيرة لحمايته من التوحل الذي بدأ يتراكم في ذيل السد بمنطقة القنطرة ببلدية اعميرة أراس والمالحة بزغاية وغيرها، ما من شأنه تقليص نسبة المياه بالسد ومن ثم زحف الأتربة على المسطحات المائية وهي المشكلة التي أخذتها الجهات المختصة بعين الاعتبار، في انتظار انطلاق أشغال عمليات كبرى تهدف لرفع نسبة الوحل بالسد وبعثه من جديد.