تحقيقات وتقاريرمقالات وبحوثمنوعات
فارق السن بين الزوجين.. حاجز فكري أم احتواء وتفاهم؟
لا يمكن لأحد توقع مسار الزواج بشكل دقيق، فبينما يفضي زواج أشخاص من بيئات مختلفة وأعمار متفاوتة، في أحيان كثيرة، إلى حياة زوجية مستقرة وسعيدة، ينتهي زواج أحبة وعشاق إلى قضايا طلاق وخلع ومشاكل أسرية. وبحسب د. غنا صالح المطوع، دكتوراة في علم النفس من جامعة سري البريطانية، لا يوجد زواج مثالي %100 أو كامل الأوصاف، بل يوجد زواج متزن ينضج يوماً بعد يوم. وشرحت قائلة: «بحسب خبرتي كعالمة نفس من جامعة سيري وعملي في عيادة بيت السعادة، يمكن القول إن فكرة الزواج تغيرت في ظل التطور التكنولوجي الحديث ونظام التعليم الجديد وحرية المرأة والتوجه العام إلى أهمية بناء الوظيفة وإنجاب الأطفال. ففي الجيل السابق، كان يتوقع أن تتزوج البنات وهن صغار (18 سنة مثلاً)، ويرجع ذلك لعدم امتلاكهن قرار الالتحاق بوظيفة أو الاستقلالية أو الحرية المالية، بيد أن الوضع اختلف كثيراً حالياً، وليس هناك أساسيات وتوقعات ثابتة في الزواج لا تتغير مع الزمن».
0 seconds of 0 secondsVolume 0%
بينت دراسات حديثة عدم وجود عمر زواج معيّن يمكنه أن يزيد فرصة نجاح أو فشل الزواج. لذا، لا يمكن القول إن الزواج المبكر أو المتأخر يمكن أن يحدد نسبة الفشل أو النجاح. وتوضح د. غنا: «من الخطأ الاعتقاد بأفضلية الزواج المبكر للإسراع في تكوين أسرة وإنجاب الأطفال حتى يكبروا مع الأبوين ويعيشوا في ظل أسرة سعيدة ومنتجة. فإنجاب أطفال في سن مبكرة قد يترتب عليه معاناة الأبوين الصغار بالعمر في تربية الأطفال، وبالتالي حدوث خلل في تعاملهم مع مسؤوليات الأسرة. ومن الناحية الصحية والنفسية، لا ينصح بالإنجاب قبل بلوغ الزوجة الـ 24 سنة، وذلك للتأكد من اكتمال صحة الأنثى الفسيولوجية والنفسية وخبرتها في تربية الأطفال بشكل صحيح. في المقابل، يعتقد البعض أن التأني وتأخير الزواج يزيدان من فرصة نجاحه، لكنه اعتقاد غير صحيح أيضاً».
الفارق المثالي
وحول فارق العمر المثالي بين الزوجين، قالت د. غنا: «ينصح بتقارب عمر الرجل والمرأة المقدمين على الزواج. فذلك يمهد ويزيد من تقاربهما الثقافي والفكري والنفسي. بيد أن علماء النفس لم يحددوا عمراً معيناً أو فارقاً سنياً مفضلاً بين الزوجين. ولكن يمكن القول من واقع الخبرة إن من الأفضل ألا يقل فارق عمر الزوج عن زوجته عن سنتين ولا يزيد على 8 سنوات. ومع ذلك، فلا بد من الإشارة إلى أن تأثير فارق العمر بين الزوجين يقل مع تقدمهما في العمر ونضوجهما. لذا، يصبح الفارق أمراً أقل أهمية عند زواج كبار السن فزواجهما لا ينبع من الرغبة في الانجاب، بل من الود والنضج والتوافق الفكري والرغبة في المشاركة الحياتية».
أسلوب التعامل
بينت د. غنا أن تأثير فارق السن بين الزوج والزوجة يتعلق بعمريهما. وشرحت قائلة: «إذا كان عمر الزوجة 20 عاماً وعمر الزوج 40 عاماً، فتأثير ذلك يختلف عند مقارنته بزوجة عمرها 40 عاماً وزوج عمره 60 عاماً، فرغم تطابق الفارق السني بينهما (20 عاماً) إلا أن تقدم العمر والنضوج الفكري يقللان تأثير المسافة العمرية بين الزوجين الأكبر سناً. فأسلوب التعامل والتواصل الفكري يصبح أكثر قرباً وتكافؤاً مع تقدم العمر حتى في حال وجود فارق سني كبير بين الزوجين. وهذا عامل أساسي في نجاح العلاقة الزوجية».
القدرة على التعبير
أكدت د. غنا أن القدرة على التعبير والتواصل الصحيح من أهم ركائز الزواج الناجح. وشرحت قائلة: «من أكثر الجمل التي يتكرر سماعها في العيادة بين الأزواج هي «هي أو هو لا يفهمني». وتدل على الخلل في التواصل والتعبير. فعدم الإفصاح عن المشاعر أو عدم معرفة كيفية الإفصاح عن المشاعر من العوامل التي تسبب تدهور العلاقة الزوجية».
لماذا يقع الطلاق بعد 20 سنة أحياناً؟
بعد أن تصل السيدة إلى مرحلة إتمام مهمة تربية الأبناء واستقلالهم عنها، من الطبيعي أن تشعر بالفراغ. وبحسب ما قاله البروفيسور مارك جاكسون خلال محاضرة ألقاها في الجمعية الملكية البريطانية، فإن هناك مسببات لانفصال الزوجين بعد مرور 20 سنة على زواجهما، منها:
◄ تغير نظام حياة الزوجة بعد استقلال الأبناء قد يجعلها تعيد التفكير في الزواج والزوج نفسه.
◄ الكثير من الزوجات يصبرن من أجل الحفاظ على كيان الأسرة، ومع استقلال الأبناء يسعين للانفصال.
◄ تراكم عوامل الإحباط والتوتر وتغيرات فكرية واهتمامات الزوجين خلال تقدمهما بالعمر.
مسببات الطلاق الشائعة
من الشائع في الفترة الأخيرة انفصال العديد من الأزواج في بداية حياتهم الزوجية، ويكون ذلك في حالات عديدة، منها:
◄ زواج المراهقين (الأصغر من عشرين عاماً).
◄ عدم القدرة على تحمل المسؤولية بعد إنجاب الأطفال لقلة الخبرة.
◄ استمرار سيطرة الآباء والأمهات على الأزواج والتحكم بحياتهم.
(القبس)